ليس هناك قانون للجمال. كل الورود تحب أن تتعطر وأن تتكحل. ليس هناك امرأة في العالم لا تريد أن تكون جميلة.
أمّا الإحساس بالجمال فإنه نسبي. وكل مرحلة من العمر لها إغواء وسلطنة واغراء. والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً. وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما يقول الشعراء.
والجاحظ يتحدث عن النساء “السمان الضخام” و”الممشوقات والقضاف”. من اللاتي “يصرعن ذا اللبّ”. وأجمل النساء عنده الخمصانة والسيفانة. بمعنى الهيفاء، الرشيقة، الممشوقة، المتناسقة، المشدودة الخصر، التي لا تحتاج في عصرنا إلى مراكز للرشاقة ونقص الوزن.. كأنها جان، وكأنها جَدْلُ عنان، وكأنها عود خيزران!.
وفي كتاب “أخبار النساء” المنسوب إلى ابن قيّم الجوزية تقرأ عن المرأة الجميلة: الصّباحة في الوجه، والوضّاءة في البشرة، والجمال في الأنف، والحلاوة في العينين، والملاحة في الفم، والظّرف في اللّسان، والرّشاقة في القدّ، واللّباقة في الشّمائل، وكمال الحسن في الشّعر.
وفي التراث العربي تقلَّب عينيك في العشرات من الرسائل، التي تتحدث عن أنواع الطيب للنساء، من ماء القرنفل إلى العنبر البحراني.
ثمَّ انك تقرأ في كتب القدامى من أدبائنا عن النساء الجميلات: من “طوق الحمامة” لابن حزم إلى “مصارع العشاق” للسراج.. ومن “ديوان الصبابة” للتلمساني إلى “تحفة العروس” للتجاني.. ومن “رسالة في العشق” لإخوان الصفا إلى “رسالة في العشق” لابن سينا.. ومن “ذم الهوى” لابن الجوزي إلى “الحب والجمال عند العرب” لأحمد تيمور، فتنحني لكل ما هو جميل.
وفي جمال المرأة وملاحتها قال الشعراء، وتدلَّهوا، وتغزَّلوا، ومنهم أبو نواس القائل:
يزيدكَ وجهه حسناً
إذا ما زدتــه نـظــراً
الله الله على هذا الوصف.. وما تراه أنت جميلاً لا أراه أنا، فلا قواعد محددة، ولا صفات ثابتة، ولا أحكام قاطعة للجمال. ويحدث أن السمراء تثير اهتماماً أكثر من الشقراء ومن البيضاء. والشاعر الكبير نزار قباني كان ديوانه الأول: “قالت لي السمراء”.
والنساء عالم مدهش من “نفر تيتي” ومعنى اسمها “الجميلة أتت” إلى هند، وعفراء، وظمياء. فيه المليحة والقبيحة، والحسناء والدميمة، والرشيقة والبدينة، التي قال فيها الأعشى: تمشي الهوينى كما يمشي الوَجي الوَحِلُ!.
ومقايّيس الجمال عند أهل البادية تختلف عند أهل المدينة.. والمتنبي يقف مع البدويات ذوات الخدود الحمر والعيون السود، اللاتي لا يستعملن في زينتهنَّ الأصباغ، والمكياج، والكحل، والخضاب، والقص، والنتف، والتحذيق، والنمس، والحلق.. وهو القائل:
حسنُ الحضارةِ مجلوبٍ بتطريـةٍ
وفي البداوة حُسْنٌ غيـرُ مجلـوبِ
أفـدِي ظِبـاءَ فَـلاةٍ ما عرَفْــنَ بهـا
مَضْغَ الكلامِ ولا صبغَ الحواجيبِ
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.