هل أتاك حديث ثوبان ؟

حسين الصدر

-1-

يلتقطُ التاريخُ صوراً ومواقف تنطوي على كثير من الدلالات والاشارات عن عمق العلاقة التي تربط هذا المسلم او ذاك بالرسول الكريم محمد (ص)، فاذا كان بعض المسلمين – وللأسف الشديد – ممن لم يوفق الى أنْ تكون علاقته بالرسول (ص) في ذروة القوة والمتانة ، فان هناك آخرين قد وفقوا الى ان يكونوا كما ارادهم الله ورسوله في عمق مودتهم وحبهم لنبيّهم المصطفى الهادي الأمين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الهُداة الميامين .

-2-

وثوبان يصلح ان يكون الممثل الصادق للمؤمن الذي ملأ حُبُّ الرسول (ص) قلبه ووجدانه .

-3 –

جاء ثوبان الى الرسول (ص) ذات يوم

وكان قد تغير لونه ، وعُرف الحزنُ في وجهه ،

فقال له الرسول (ص) :

{ ما غيّر لونك } ؟

فقال :

يا رسول الله :

ما بي من مرض ولا وجع غير أني اذا لم لأرَكَ استوحشتُ وحشةً شديدة حتى ألقاك ثم ذكرتُ الآخرة ، فأخاف أني لا أراك ،

لأنّك ترفع مع النبيين ،

واني إنْ دخلتُ الجنة كنتُ أدنى من منزلتك ،

وإنْ لم أدخل الجنة لا اراك ابداً « .

رحمك الله يا ثوبان 

لقد كانت هواجِسُكَ دليلَ صدقٍ على عمق ولائك ومحبتك للرسول (ص) .

وكل تلك الهواجس قد بددها الوحي حيث أنزل الله تعالى قوله :

( ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )

النساء 69

فلما تلاها الرسول (ص) على ثوبان فرح بها وانشرح صدره وعلم انه مع حبيبه في الدنيا والاخرة .

-4-

والسؤال الآن :

أين هم اليوم أمثال ثوبان في صدق حبهم للرسول وعمق ارتباطهم به ؟

ان الحب الصادق والولاء الحقيقي للرسول (ص) يعني السير على المنهاج المرسوم من قبل النبي (ص) للإنسان في مساراته ومداراته دون زيغ ودون انحراف ودون تقصير أو نكوص عن أداء المسؤوليات الكبرى الملقاة على عاتقه.

وأين نحن من تلك الحالة المطلوبة ؟

ان بعض المسلمين اصطفوا مع أشد أعداء الإسلام وأكثرهم حقداً عليه لنصرة أولئك الأعداء في هجمات وغارات لا تستهدف الا الإبادة الجماعية في غزّة والصفة الغريبة وفي لبنان الشقيق بلد المقاومة الباسلة والشهداء الأبطال الذين كتبوا بدمائهم أروع صفحات الدفاع عن الدين والحق والعدل المضيّع .