الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
شخصية الفرد العراقي

بواسطة azzaman

شخصية الفرد العراقي

لطيف دلو

 

العنوان هو كتاب للدكتور علي الوردي في البحث عن الشخصية البشرية بوجه عام تمهيدا وتبسيطا للدخول بوجه خاص الى شخصية الفرد العراقي وقال عنها بأن ازدواج الشخصية ظاهرة عامة مخفف في كل انسان ولكني اؤكد بان الازدواج فينا مركز ومتغلغل في اعماق نفوسنا ، العراقي اكثر من غيره هياما بالمثل العليا والدعوة اليها في خطاباته وكتاباته وفي نفس الوقت من اكثر الناس انحرافا عن هذا المثل في واقع حياته وفي رمضان يعجب المرأ تمسكنا بمظاهر الصوم ومن ناحية اخرى كثرة المفطرين بيننا وإن الفرد العراقي من اكثر الناس حبا للوطن وتحمسا لخدمة العلم بينما هو في الواقع مستعد للتملص منها إذا آن الاوان ، وإنهم اقل الناس تمسكا بالدين واكثرهم انغماسا بين المذاهب الدينية فتراه ملحدا من ناحية وطائفيا من ناحية اخرى وقد يلتهب العراقي حماسة إذا أنتقد غيره فيما يخص المباديء السامية او رعاية العدل والعفو والرحمة وتراه اسرع الناس على الاعتداء على غيره ضربا حالما يرى الظروف مناسبة وترى الخطباء والشعراء يدعون الى مقاطعة البضائع الاجنبية واغلبهم يلبسون اقمشة اجنبية ويقول عن ابن خلدون إن البدو بطل شجاع وفاتح باسل وهو ابيُ للضيم وحام للجار وسخي ومن ناحية اخرى يفتخر بالنهب والاستحواذ على اموال الناس بالقوة ومثل هذه الصفات لا تتلائم مع طلب العلم او الصبر على الصناعة وفنون العمران ، وامثلة اخرى كثيرة لا يمكن ذكرها في مقالة لا تزيد عن صفحة واحدة الا قليلا .

عزا أسباب هذا الازدواج الى النواحي الحضارية والاجتماعية والنفسية ، وإن العراق أكثر من اي بلد آخر واقعا على هامش البداوة وهجرتهم اليه واختلاطهم مع المدنية قد خلقت طبقتين تتصارعان البدوية المحاربة من ناحية والزراعية والصناعية المدنية من ناحية احرى ولدت تلك الازدواجية وعن ازدواجية الادارة قال عند تاسيس الدولة العراقية لعدم وجود مؤهلين ، عين اضطراريا موظفين من لا يستحقون ان يكونوا كتاب عرائض واخرين من ابناء العامة من الحمالين والبقالين الى مراتب الحكام والضباط نفخ فيهم شعور العظمة واصبح الكثير منهم يعيشون في الابراج العاجية ولايهمهم معانات الشعب من الجهل والمرض والجوع بل التهوا بمظاهر المناصب  .

الكتاب صدر عام 1951 ولكن لم نلاحظ تلك الازدواجية فيه اثناء الخمسينيات تلك وإن سمعناها من احد لتخيلناها من نسيح الخيال او من اساطير الاولين ولربما استخرجها المؤلف من العهود السابقة لان كنا في قرى قريبة عن كركوك لم نشعر بها وقد مرت بنا قوافل كوردية من بائعي التبغ قاصدين الوسط والجنوب بارتياحية وباعة التمر والملح من عرب الوسط والجنوب وباعة مواد متنوعة مع الحلويات من اهل الموصل يقايضونها بالصوف ويتجولون ويبيتون في تلك القرى كانهم في محلات سكناهم وبيوتهم دون شعور المرأ بالازدواجية الشخصية بيننا وإياهم .

ذكر الكاتب معانات تشكيل اول حكومة عند تاسيس دولة العراق من اناس غير مؤهلين لكتاب عرائض واشخاص اخرين كما مرّ ذكرهم وتكررت نفس الحالة في تشكيل الحكومة 2005 بعد سقوط النظام البائد من غير المؤهلين واختاروا من الدستور مايسندهم وغضوا النظر عن ما تحل المسائل المستعصية في البلاد وهم السبب في ثراء حيتان الفساد والفقر المقفر للسواد الاعظم من ابناء الشعب وتشويه سمعة العراق بالفساد .

ولكن اسفا ظهرت ازدواجيات اكثر إثارة عن ما ورد في ذلك الكتاب بعيد سقوط النظام الملكي إثر  التغييرات الحاصلة في انظمة الحكم في نفوس كثيرة ويشعر بها المرأ علنا دون التحري عنها وقد سمعت شتيمة شخص وقومه من اربع كلمات بذيئة من شخص متعلم وذو مرتبة عام 1965 وسمعتها من شخص فراش واقف بباب مدير احدى الدوائر عام 1979طلب منه مراجع الدخول الى المدير لشرح شكواه وألح في طلبه فمنعه الفراش واضطر الانصراف بهدوء فقذفه الفرش بعد ابتعاده بنفس الشتيمة وبتلك الكلمات الاربعة نفسها دون زيادة ونقص حرف او اختلاف اللفظ والمسافة بين الموقعين 170 كم فهل يمكن ان تكون عن طريق الصدفة ام بغيضة مغروسة في النفوس .

واغرب من تلك الازدواجيات شاهدناها في عصرنا هذا عند انفلات او ثغرة امنية تنهب اموال مواطنين او الدولة كالغنائم وهناك كثير من الشخصيات لا نقول عنهم كانوا لائجين بل كانو في بيوتهم معززين مكرمين في ملاذ أمن بكوردستان ومنهم في قوات البيشمركة وكانوا مدعين لحقوق الكورد اكثر من الكورد انفسهم وكذلك شخصيات سياسية اخرين مدافعين مجدين في تصريحاتهم عن مظالم الكورد كاشقاءهم وعندا استلامهم السلطة انكروا ومنهم اصبحوا يعادون الكورد في حين عند سقوط النظام البائد 2003 بقي الاف افراد الجيش العراقي بمختلف المراتب في كوردستان في ضيافة اسر الكورد في وقت المجاعة تحت حصاري الامم المتحدة والعراقي الى ان عادوا الى اهاليهم سالمين ، وكذلك عند دخول داعش وانهيار القوات العسكرية في المناطق الغربية 2014 التجأت الاف العوائل العربية واحتضنتهم حكومة الاقليم ولا يزال منهم باقين فيها وحكومة بغداد تساوم في رواتب موظفي حكومة الاقليم  .

في عصرالعلم والمعرفة التي أجتاحت العالم فالازدواجية في بعض المناطق تزداد اكثر تعقيدا ويظهر بانها ليس من اختلاط البداوة مع الحضر بل مكتسبة من ترسبات القحط والجهل والاجواء العصيبة التي حلت المنطقة ولم تحظ بإدارة حكيمة تعالج الامراض المستعصية فيها بل أستغلت جميع الامكانيات في التعصب لإبقاءها في السلطة  .

 


مشاهدات 188
الكاتب لطيف دلو
أضيف 2025/12/01 - 5:46 PM
آخر تحديث 2025/12/02 - 11:41 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 744 الشهر 1532 الكلي 12785437
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير