ظاهرة الونونة
نزار محمود
هناك من الشعوب من صبغت “الونونة”والنكد ثقافة حياتهم الاجتماعية. في البيوت وفي المقاهي وفي أماكن العمل تسمع “ونونة” هنا وتحس بنكد هناك.
هذه الثقافة يلمسها المرء، على وجه الخصوص، عند الأرامل من النساء اللواتي لا يجدن في غيرها التعبير عن ما يعيشونه من آلام ومعاناة من ناحية، والترفيه عن النفس من ناحية أخرى.
والأرامل، في مجتمعاتنا الشرقية على وجه الخصوص ولأسباب ثقافية، يعيشون حياة الحاجة الى المساعدة الذكورية سواء ما تعلق منها بالمعيشة أو العرف الاجتماعي.
ما هو الجديد في العراق؟ الجديد هو توسع ظاهرة “الونونة” بين الرجال وحتى الشباب، وحتى الأطفال! ترى ما الذي أوسع دائرة هذه الظاهرة؟ وما يمكن أن تؤول اليه؟
“الونونة” والنكد ليستا ظاهرتين صحيتين في المجتمع لأسباب كثيرة، لما تعكسه من حالات نفسية وتزرعه من تذمر وتشاؤم اجتماعي وسياسي ينعكس سلبياً في سعادة الناس وانجازاتهم.
كيف يمكن ان تعالج هذه الظاهرة؟
انها، وكأي ظاهرة سلبية، لا بد من البحث وتحديد مسبباتها في المجالات التالية:
التربوية، الاجتماعية ، السياسية، الاقتصادية، الثقافية.
ان التربية السليمة التي ينشأ عليها الإنسان من ايمان بالله والقدر، وثقة بالنفس مما لا تنحدر الى غرور أو نرجسية، وبأن الحياة طالت أم قصرت فهي الى نهاية سائرة، وان الملك لله، وان لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، كلها تشكل أسس تربوية لحياة لا تعرف “الونونة” والنكد!
اما عن ما نعيشه من قيم اجتماعية بالعلاقة مع “الونونة” فيمكن ان يجري الحديث عنها طويلاً. فالقيم الاجتماعية هي معايير ومقاسات للسلوك الاجتماعي للإنسان وتعبيراته.
والى جانب ذلك تلعب السياسة دورها في تثوير ظاهرة “الونونة” وتحريك النكد في نفس الإنسان من خلال عدالة وكفاءة عملها في تدبير امور الناس وتحديد علاقاتهم في مجالات الحياة المتعددة. فالسياسة غير العادلة أو تلك التي لا برضى عن أداءها الناس لا يمكن ان تمنع الناس من “الونونة” وتثنيهم عن النكد.
وفي هذا السياق يشكل الهاجس المعيشي، وبحق، سبباً رئيسياً في خلق وانتشار ظاهرة “الونونة” ودفع الناس الى النكد في علاقاتهم الاجتماعية.
بقي ان نقول ان اكبر الخطورة تكمن في ان تتحول تلك “الونونة” الى ثقافة اجتماعية، لا يحس الانسان بالرضا والسعادة دون ممارستها.
ان ظاهرة “الونونة” والنكد قد شاعت في مجتمعنا العراقي، وأعتقدها انها قد وجدت حاضناتها في البيئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.