فم مفتوح .. فم مغلق
التأمين بدل الكفيل .. حلم تحقّق
زيد الحلي
مساء الجمعة الماضية زفت لنا الاخبار خبرا مفرحا ، اصدره مجلس الوزراء ، وهذا الخبر كان حلما لآلاف المواطنين . ولا اظن ان احدا ، توقع صدوره بهذه الآليات الميسرة ، التي شعارها : الإصلاح يبدأ من السكن . انه قرار انساني يُبسط الإجراءات ويكرّس العدالة في فرص تملّك السكن .. وهل هناك اهم من السكن ؟
فمن بين القرارات الحكومية التي تستحق الوقوف عندها طويلاً، ذلك القرار الذي أعلنه مكتب رئيس مجلس الوزراء بشأن اعتماد وثيقة التأمين ضد التعثر بالسداد كبديل عن الكفيل الشخصي في معاملات شراء العقارات والوحدات السكنية.
قد يبدو القرار للوهلة الأولى إجراءً إدارياً، لكني وجدتُ في جوهره تحول نوعي في فلسفة التعامل مع المواطن، وفي طريقة تفكير مؤسسات الدولة المالية والمصرفية.
فالغاية ليست فقط في تسهيل الحصول على قرض سكني، بل في بناء منظومة متكاملة من الضمانات الحديثة التي تحمي جميع الأطراف : المقترض والمصارف وشركات التأمين، ضمن إطار قانوني وتنظيمي يواكب ما هو معمول به في الاقتصادات المتقدمة.
إنّ الكفيل الشخصي، الذي كان لسنوات يمثل عبئاً على الموظف ويحدّ من قدرته على التملك، يُستبدل اليوم بصيغة تأمينية مدروسة تُغني عن الوساطة الشخصية وترسخ الثقة بين المواطن والنظام المصرفي.
يكتسب القرار بعداً إنسانياً واقتصادياً مزدوجاً، لأنه لا يقتصر على موظفي الدولة فحسب، بل يشمل موظفي القطاع الخاص الموطّنة رواتبهم في المصارف العراقية، وهو ما يعزز مبدأ العدالة في الفرص، ويشجع مؤسسات القطاع الخاص على الانتظام المالي والالتزام بتحويل الرواتب بصورة رسمية ومنظمة.
بهذا تصبح كل جهة عمل مرخّصة جزءاً من سلسلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يرتبط توطين الراتب بالتأمين والضمان الاجتماعي والإقراض السكني في منظومة واحدة.
إنّ اعتماد هذه الوثيقة يمثل رسالة ثقة في المواطن من جانب الدولة، ورسالة تحديث من الحكومة تجاه بيئة الأعمال والمصارف. وهو في الوقت نفسه رافعة حقيقية لقطاع البناء والإسكان الذي يُعدّ محركاً أساسياً لعشرات المهن والصناعات، ما ينعكس إيجاباً على دورة الاقتصاد الوطني.
ولا شك أن هذا التوجه يعكس فلسفة الحكومة الحالية في تبسيط الإجراءات وتحقيق الرفاه عبر الإصلاح، بعيداً عن التعقيدات القديمة والضمانات الورقية التي أنهكت المواطن.
فاليوم، تدخل وثيقة التأمين ضد التعثر حيّز التطبيق لتكون خطوة جديدة في مسار الإصلاح المالي والاجتماعي، وخطوة أخرى نحو عراقٍ أكثر استقراراً وعدلاً وإنصافاً.
تحية لكل من ساهم في بلورة هذا الانجاز الذي كما قلت ، كان حلما بعيد المنال ..
Z_alhilly@yahoo.com