الرمل يخترق اللغة
علي اليساري
تنتقل اعراف الصحراء وقيمها ومعاييرها وموجوداتها وكائناتها وقيمها مخترقة حاجز الازمنة لتصل الى قاموس اللغة المعاصرة وتداولها اليومي وتتسلل الى اغانينا وخطاباتنا دون ان ندرك ان الكثير من الفاظها وتراكيبها هاجرت الينا عبر الفيافي وكثبان الرمل واسنمة الجمال واعمدة الخيمة واوتادها وريح السموم الاتية من مفازة الربع الخالي!! ما زالت صور البادية الشاحبة لقوافل الابل وحادي العيس وعمود خيمتنا وصهوات جيادنا وسيوفنا المشرعة تمسك بتلابيب قصائدنا فنقول :( فجرّد
حسامك من غمده)
و ( يا حادي العيس عرّج كي اودعهم)
و ( ياريم وادي ثقيف لطيف جسمك لطيف)
و ( هلا هلا هيا اطوِ الفلا طيا.. جلاجلٌ في البيد شجية الترديد)
و ( يا ذيب ليش أتعوي حالك مثل حالي)!!
ما زالت اناشيد البادية تطربنا وتصوغ ذائقتنا في :
يلا صبوا ها القهوة وزيدوها هيل واسقوها للنشامى عظهور الخيل!!!
او نختم جلساتنا على مائدة الليل فنغني معا مقام جمّال: لما اناخوا قبيل الصبح عيسهمو
وحملوها وسارت في الفلا الابل!!
اي ابل تلك التي مازالت تركب على ظهورنا واي حسام هندي هذا الذي يجرده جندي في قوات الرد السريع واي خيمة تلك التي نصبت لنا في جنات الخلود!
انها البادية!