السوداني يقترب من الولاية الثانية
علي قاسم الكعبي
يشهد المشهد السياسي العراقي توتراً متصاعداً قبيل الانتخابات البرلمانية المرتقبة، حيث تتزايد مظاهر المقاطعة الشعبية الواسعة كأبلغ رسالة رفض للعملية السياسية. ورغم هذا الرفض، تواصل القوى التقليدية حشدها مع ارتفاع ملحوظ في سقف الخطاب الطائفي، وهو مؤشر على فشل هذه القوى في تقديم برامج تنموية حقيقية.
السوداني واثقاً: الرهان على الإعمار والحياد.
يبدو أن السوداني، الذي يرأس حالياً «ائتلاف الإعمار والتنمية»، واثقاً من قدرته على تجاوز خصومه. يرتكز هذا التفوق الظاهر على ثلاثة محاور رئيسية تدعم موقفه للوصول إلى ولاية ثانية:
الرضا الداخلي من خلال استقطابه لنواب منشقين وتحقيق زخم عبر تحريك عجلة الإعمار في المدن.
النجاح الإقليمي: تبنيه سياسة «النأي بالنفس» وتجنب التورط في صراعات إقليمية (سوريا وإيران)، وحل ملفات شائكة مثل سحب قانون الحشد.
القبول الدولي: الأهم هو رضا واشنطن الواضح عن أدائه، خصوصاً في دعم سيادة العراق والتوجه نحو حصر السلاح بيد الدولة، وهو عامل حاسم يمنحه مظلة حماية افتقدها آخرون. ويسعى السوداني لترسيخ نموذج «حكومة الأغلبية» التي كانت مطلباً للتيار الصدري، حيث نجح في مد جسور التواصل مع القوى السنية والكردية (البارزاني، الحلبوسي، الخنجر)، وحل ملف رواتب إقليم كردستان المعقد، مؤكداً استراتيجية التحالف العابر للمكونات.
«المالكي وحراك «الأقوياء» لمنع العودة»في الجهة المقابلة، يقف المالكي «الخطر والمنافس الكبير»، لما يتمتع به من كاريزما «رجل ظل» ومنظّر للدولة العميقة، ويسعى بجهد لإجهاض مشروع السوداني، إذا ما علمنا أن واشنطن كانت قريبة منه في وقت سابق.
وتشير الأنباء إلى أن المالكي يجري مفاوضات حثيثة لتدشين تحالف «الأقوياء»، الذي يهدف إلى جمع ائتلاف «دولة القانون» مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وتحالف سني فاعل، بهدف منع السوداني من العودة إلى رئاسة الحكومة أو التحكم في مسارات تشكيلها المقبلة.
«العامل الحاسم: القبول الخارجي»
يرى مراقبون أن الصراع على الولاية الثانية لن يُحسم بقوة التنافس الداخلي فقط. فبينما كان إفشال تحالف الصدر سابقاً سببه خارجياً بامتياز، فإن القبول التام الذي يحظى به السوداني اليوم - وتحديداً دعم واشنطن لاستقراره وتركيزه على الإعمار - يمثل كلمة السر في هذه المعادلة. هذا الدعم قد يكون الضمانة الوحيدة التي تمكنه من تجاوز العقبات السياسية والانتقال إلى الولاية الثانية. وسيقف معه الداخل والخارج، ولكن ثمّة أمر هام هو أن الرضا الخارجي قد يسبب صداعاً للتيار الصدري الذي صمت كثيراً وربما يحفزه على عمل ما يقلب الطاولة.