غزة بين القتل جوعًا والحسم العسكري
خالد محسن الروضان
في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، تتكشف مجددًا ملامح السياسة الإسرائيلية القائمة على استهداف المدنيين، عبر أدوات تتجاوز القصف العسكري إلى القتل البطيء جوعًا، في مشهد يُعدّ من أكبر شواهد العصر على انحدار النظرة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، أصحاب الأرض والحق.
فما يجري على أرض غزة من مجازر وانتهاكات لا يمكن إدراجه إلا في خانة “شريعة الغاب”، إذ إن الحصار المحكم المفروض على القطاع يُستخدم كسلاحٍ لإذلال وقتل الأبرياء عبر حرمانهم من الغذاء والماء والدواء، وهو ما رافقه في الآونة الأخيرة استهداف مباشر لتجمعات المدنيين عند نقاط استلام المساعدات، ما تسبب في سقوط أعداد مرعبة من الضحايا، دون أن يلوح في الأفق أي رادع دولي فعّال.
ورغم هذه الممارسات التي ترقى إلى جرائم حرب موثقة، لم تستطع إسرائيل حتى الآن تحقيق الحسم العسكري، حيث واجهت مقاومة فلسطينية شرسة أدخلت جيش الاحتلال في حالة استنزاف طويلة، من خلال اعتماد استراتيجية “القتال داخل المدن”، وهو النوع من الحروب الذي لا تريده إسرائيل، ولا تُحسن خوضه.
الانقسام داخل إسرائيل
في هذه اللحظة المفصلية، تجد القيادة الإسرائيلية نفسها أمام مفترق طرق.
فمن جهة، يدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومعه أطراف من اليمين المتطرف باتجاه توسيع الحرب واحتلال غزة بالكامل، وهي خطوة يعتبرها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي كمينًا استراتيجيًا خطيرًا قد يؤدي إلى مقتل كافة الرهائن، وبالتالي سقوط الحكومة وفقدانها للمبرر السياسي والأخلاقي لاستمرار المعركة.
ومن جهة أخرى، تبرز المقاومة الفلسطينية كطرفٍ فاعل سياسيًا وميدانيًا، يُعيد رسم المعادلة عبر صموده ومبادرته إلى الانفتاح على التفاوض، لا سيما في ملف تبادل الأسرى والرهائن، وهو ما قد يُشكل نصرًا سياسيًا حقيقيًا إذا ما استثمر في السياق الوطني الأشمل.
المقترح الأميركي والموقف الفلسطيني
ضمن هذا الإطار، قدّم المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف مقترحًا واضحًا يتمثل في:«تبادل الكل بالكل مقابل وقف الحرب»