الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ثورة 14 تموز 1958 لماذا وكيف ؟

بواسطة azzaman

ثورة 14 تموز 1958 لماذا وكيف ؟

محمد مظفر الأدهمي

 

ان انتهاء الحرب العالمية الثانية وظهور نخبة سياسية جديدة من الشباب العراقيين من طلبة كليات الحقوق ودار المعلمين العالية والمحامين والمعلمين والاساتذة  المتطلعين الى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتخلص من الحرس القديم الذي يقوده نوري السعيد ، قد لعب دوره في احداث انقلابات وزارية بفعل السلطة الشعبية التي اوجدتها القواعد الجماهيرية للاحزاب التي شكلتها هذه النخب في السر والعلن  ، مثل حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي وغيرهم . ولم تكن نخبة الشباب الجديدة  التي بادرت الى تأليف الأحزاب والجمعيات السياسية ، واثقة من حسن نية القائمين على الحكم ، وجديتهم في انتهاج السياسة التي أعلن عنها الوصي بالانتقال الى الديمقراطية والحرية ، ولكنهم رأوا ،حسبما يقول محمد مهدي كبة في مذكراته انهم وجدوا  من واجبهم انتهاز هذه الفرصة لجمع العناصر الوطنية ولنشر الوعي الوطني بين أبناء الشعب.

  إن هذه المتغيرات الجوهرية في الواقع السياسي العراقي قد خلقت قوة مدنية جديدة لعبت دورها في الانتفاضات الشعبية  في وثبة 1948 وانتفاضتي 1952 و1956، التي سالت فيها الدماء وسقط فيه الشهداء بسبب استخدام القوة المسلحة ضد المنتفضين . وهي ظاهرة خطيرة رافقتها سياسة مضادة للتيارالوطني و القومي الجماهيري الذي ساد العراق والشارع العربي بفعل قيادة الرئيس جمال عبدالناصر الذي ناصبه العداء الحرس القديم من حكام العراق دون حساب لخطورة هذا الموقف الذي أنتج القضاء على الحكم الملكي وقيام الحكم الجمهوري يوم 14 تموز 1958.

عمل سياسي

ان ثورة 14 تموز 1958 تشكل تحولا جذريا في المجتمع العراقي ، ولذلك هي لم تكن مجرد انقلاباً عسكرياً قام به بعض الضباط المغامرين ،وانما هي انقلاب شامل في انظمة وقوانين وعلاقات وشرائح وطبقات واتجاهات المجتمع سواء في المدينة أو الريف ، فتقلص نفوذ الاقطاعيين وصدر قانون الاصلاح الزراعي لتوزع أراضيهم على الفلاحين الذين ساد نفوذهم الى جانب العمال في العمل السياسي والمهني ، بينما قبعت النخبة السياسية المرتبطة بالعهد الملكي الزائل في غياهب السجون وخضعت لمحاكمات مهينة . ولم تعد الأسماء الرنانة للعوائل المتنفذة في المدن ورؤساء العشائر المتحكمين في الأرياف ذات قيمة ، فقد أصبح الحكم والنفوذ للنخب الجديدة من مدنيين وعسكريين ممن شكلوا الاحزاب السياسية التي ائتلفت في جبهة الاتحاد الوطني وتحالفت مع تنظيم الضباط الاحرار لتقوم بالثورة في 14 تموز 1958 التي جمعت كل القوى الوطنية والقومية بأحزابها الجماهيرية والشعبية  في جبهة الاتحاد الوطني لتشارك تنظيم الضباط الاحرار في التنفيذ واستلام السلطة والحكم ،والتي يمكن تشبيهها بالثورة الفرنسية في 14 تموز1789 ، بل انها كانت اكثر منها ضراوة حين ابيدت العائلة المالكة في العراق في مجزرة قصر الرحاب دون مبرر، بينما أبقت ثورة فرنسا على ملكها وعائلته ولو لبعد حين .

اما في شكل الحكم ،فقد تألف  مجلس سيادة ليحل محل حكم الملك وفق دستور مؤقت بعد الغاء الدستور العراقي الذي كان قد شرعه المجلس التأسيسي عام 1924 ، ورفع شعار الانضمام الى الجمهورية العربية المتحدة مقابل الانسحاب من الاتحاد العربي مع المملكة الاردنية الهاشمية ،واعلن العراق حياده باقامة علاقات متينة مع الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي المعادي للمعسكر الغربي الذي كان النظام الملكي حليفاً له ، فخرج العراق من حلف بغداد ومن كتلة الجنيه الاسترليني ،فأصبح العراق مستقلاً بارادته  ورفع شعار استرداد حقوق الشعب في ثرواته بما فيها النفط  لتحقيق العدالة الاجتماعية وتضييق الفوارق الطبقية بين ابناء الشعب.

ومع ان الثورة قد أكلت رجالها فيما بعد  نتيجة الصراع بين  الضباط الأحرار والقوى السياسية الا ان النظام الجمهوري حافظ على وجوده وحقق مشاريعه التنموية والاصلاحية .

 


مشاهدات 78
الكاتب محمد مظفر الأدهمي
أضيف 2025/07/19 - 3:29 PM
آخر تحديث 2025/07/20 - 4:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 167 الشهر 12575 الكلي 11166187
الوقت الآن
الأحد 2025/7/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير