الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المعقبون ورثة الأوقاتيين في العراق

بواسطة azzaman

المعقبون ورثة الأوقاتيين في العراق

وليد عبد الحسين 

 

أقرأ خلال هذه الأيام في كتاب "دور النخبة القانونية في تأسيس الدولة العراقية" للباحث عبد الحسين الرفيعي، والذي هو في الأصل رسالة ماجستير تقدم بها صاحبها إلى جامعة بغداد/كلية التربية، ومن ثم طُبعت في كتاب أراه مهما وجديرا بمطالعته من قبل رجال القانون الآن؛ كونه يحكي لهم إرثهم العظيم في بناء الدولة العراقية.

وقد أثبت الباحث بالرجوع إلى المصادر التاريخية أن أول عراقيين درسوا القانون هم ثمانية أشخاص فقط، ستة منهم من بغداد واثنان من الموصل واثنان من السليمانية؛ حيث درسوا الحقوق في مدرسة الحقوق في إستانبول عند تأسيسها عام 1886م، حيث تخرجوا منها عام 1895م.

وبلا شك أن ثمانية رجال قانون غير قادرين على تغطية جميع المهام القانونية في مؤسسات الدولة آنذاك، مما برزت فئة تقوم ببعض هذه الأعمال من خلال التوكل عن أطراف العلاقة سُمّوا آنذاك بالأوقاتيين، الذين لم يدخلوا كلية القانون أصلا، وإنما تولدت لديهم خبرة عملية من جراء مراجعاتهم للمحاكم والدوائر كالمعقبين الآن الذين يمارسون تعقيب المعاملات في دوائر الدولة رغم عدم جواز ذلك قانونا!

كون أن مراجعة الدوائر والتوكل عن مراجعيها من المواطنين حق حصري للمحامين فقط؛ لصراحة المادة (22) من قانون المحاماة رقم (173) لسنة (1965) المعدل: "1- لا يجوز لغير المحامين المسجلين في جدول المحامين إبداء المشورة القانونية أو التوكل عن الغير للادعاء بالحقوق والدفاع عنها أمام المحاكم العامة والخاصة ودوائر التحقيق والشرطة واللجان التي خصها القانون بالتحقيق أو الفصل في منازعات قضائية...، رابعا- لكاتب المحامي المجاز قانونا أن يعقب أعمال المحامي لدى جميع مراجعها القانونية".

ووجوب أن يحظى وفقا للمادة (26) من ذات القانون: "يجب أن ينال المحامي من المحاكم والدوائر الرسمية وشبه الرسمية والمراجع الأخرى التي يمارس مهنته أمامها الرعاية والاهتمام اللائقين بكرامة المحاماة وأن تقدم له التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه، ولا يجوز أن تهمل طلباته بدون مسوغ شرعي".

بل حتى محكمة التمييز العراقية في أكثر من حكم قررت أن عمل ما يسمى بالمعقب، الذين لم يحملوا شهادة القانون ولا إجازة المحاماة، عمل مخالف للنظام العام ولا يستحق عنه أجر ممن كلفه، ودعواه بالمطالبة بذلك موجبة للرد.

مع كل ذلك نجد جميع دوائرنا الموقرة في العراق زاخرة بالمعقبين، ولا مجال للمحامين لممارسة العمل فيها في كثير من الأحيان أصلا!

لأن أغلب هؤلاء المعقبين دورهم الوساطة بين صاحب المعاملة والموظف المختص، وواسطة للقيام بجريمة الرشوة!

طبعا تتبنى نقابة المحامين العراقيين مهمة مكافحة هذه الظاهرة، ظاهرة تواجد أشخاص لا يحملون شهادة في القانون أو رخصة ممارسة مهنة خطيرة كمهنة المحاماة، وتشكل لجانا في كل محافظة لهذا الغرض، غير أن كثيرا من أعضاء هذه اللجان غير جادين في مسؤولياتهم، لذا لا زالت إجراءات مواجهة هذه المشكلة تتحصر في الإطار الإعلامي فقط!

إذا كانت قلة أعداد المحامين آنذاك قد فرضت ظهور فئة الأوقاتيين، فإن كثرة أعداد المحامين الآن الذي بلغ تسعين ألف محام إن لم يكن أكثر، يحتم إنهاء ظاهرة الأوقاتيين الجدد أو المعقبين في ممارسة أعمال ليست من اختصاصهم؛ لما في ذلك ضرر على عمل الدوائر والمواطنين والمحامين ومهنة المحاماة.

وإننا كمحامين مدعوون جميعا إلى مواجهة هؤلاء المتطفلين، والأمل بزملائنا المتصدين لهذه المهام كبير.

 


مشاهدات 97
الكاتب وليد عبد الحسين 
أضيف 2025/07/19 - 1:37 AM
آخر تحديث 2025/07/19 - 8:45 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 599 الشهر 12292 الكلي 11165904
الوقت الآن
السبت 2025/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير