نقطة ضوء
إعلام معلول وفخار مكسور
محمد صاحب سلطان
تلعب وسائل الإعلام دورا مهما في كتابة التاريخ الانساني، لكن على وفق الامزجة والرؤى لمموليها والداعمين لها، فيصبح الناس الذين ضحوا بحياتهم أو الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم كالحجارة في قاع ماء، بينما المتملقون والانتهازيون الذين أضحت بأيديهم زمام الامور، فإنهم يقدمون أنفسهم عبر تلك الوسائل، أبطالا بين صفحات التاريخ المزور، والأشد مرارة عندما يكتب ذلك التاريخ بأيدي من لا ضمير لهم ولا إحساس بما تتركه من أثر سلبي على صفحات التاريخ الذي يستقبل الصالح والطالح من دون تمييز -للاسف-لذا يدعو البعض لإن نكتب وندون الأحداث والوقائع بأيدينا كلما امكن ذلك، ليست بصيغة المذكرات، بل لتأشير ما حدث عن زمن معاش أو قريب ،فالكتابة تدفع بنا الى عالم تفريغ شحنات الطاقة السلبية الجاثمة على الصدر ،مثل قبضة خانقة إن لم تقاومها، فإنها تبدأ بمصادرة روحك قبل جسدك! ،لذا علينا أن نكتب حتى نعيش وتستمر حياتنا بفسحة أمل أو بصيص ضوء خافت في عالم مظلم ، يسعى الظلاميون من خلاله أن يسود الجهل في العقول والنفوس بتحويل البشر إلى خنازير، أو فخار يكسر بعضه بعضا!. لذا فالكتابة، تدفعنا من دون أن نعي، إلى الحفاظ على الذكريات بحلوها ومرها، فهي تساعدنا على حفظ نجاحاتنا، مثلما تذكرنا بأسباب إخفاقاتنا فهي سجل غني للتدوين، مثلما هي شاخص مكتنز لإثبات الوجود والتعبير عن المشاعر.ونكتب لنؤشر الخطأ، ونكتب للتنفيس عن ضغط الحياة، ونكتب لتصحيح الحال، ونكتب لإجل أن نحيا، ونتأكد من إننا ما زلنا نمارس دورنا الإنساني بعد أن أراد لنا من يخفون سكاكين الغدر خلف ظهورهم، أن نعيش حياة الحيوان لا الإنسان.
ولإجل ذلك ندعو العاملين في وسائل الإعلام إلى تعزيز المهنية الاعلامية المرادة، والمتمثلة في تدقيق المعلومة قبل نشرها، لتجنب نشر الإشاعات أو المعلومات المغلوطة فضلا عن تعزيز الحياد والموضوعية بأدنى صورها، لإن التجارب أثبتت عدم حيادية الإعلام بمختلف أنماطه، لكن على الأقل فصل مفردات الخبر عن قول الرأي المبنى عليه، حتى يفهم المتلقي ماذا يقرأ؟، بغية مكافحة الأخبار الكاذبة والتضليل الذي بات يسود الكثير من وسائل الإعلام، الباحثة عن الإثارة بنزعاتها الدعائية، التي تقلب الحقائق من صورتها النزيهة إلى صورة التشويه، والتزييف بدس السم بالعسل كما يقال، وهذا لن يتأتى إلا من خلال نشر الوعي المجتمعي، حتى لا يستخدم الإعلام كأداة للتلاعب ،بل اداة توثيقية لصناعة التاريخ للأجيال بصفحات بيض لا بحبر ملوث بالمال الحرام وقلب الحقائق، وهذا ما نأمله.