دمعة محترقة عند سدة الكوت
نعيم عبد مهلهل
عند سدة الكوت ..
ستكتب دجلة مرثية أخرى وٍاسمع صوت مطرب أسطوري يدعى « حسن حياوي « في اغنيته المؤثرة
«أكل يا عنز والدباغ يولاك «
وهو ذاته من غنت الأسكندرانية ــ الفرنسية داليدا أغنيته « سلمه يا سلامه «
الآن النار تولي المدينة وتحرق زهورها وبارءة خدود آلهتها الطفولية .
وربما بين الضحايا دمية بعمر بسبع سنوات أسمها سلامه.
فتشوا في القوائم النهائية لضحايا « مول الهايبر ماركت « وستجدون أن سلامة احترقت ومعها احترقت أحلام المدرسة والتمني لتصبح طبيبة .
لهذا ..... بكت واسط ومعها بكت خواطر المتنبي وانواط الجنرال المحاصر طاوزند.وحتى شواهد قبور المقبرة الإنكليزية
والحجاج تخلى عن قسوة سيفه في رقاب العلويين قليلا وبكى ..
حوانيت سوق الكوت القديم بكت..
والعراق ايضا سمع نحيبا آت من الحي والنعمانية والدبوني والعزيزية وعلي الغربي وشيخ سعد وقضاء بدرة وجصان وموفقية آل السعدون.
العراق بكى أيضا .. لأن دمعة من نار سالت على خد الكوت في ليل ملتهبة ب50 درجة مئوية.
سيقولون تماسا كهربائيا أو جمرة في منقلة شواء المطعم..
ولكن ماذنب اطفال لن يذهبوا الى المدارس بعد ليلة الفاجعة.
ماذنب عوائل بأكملها ركبت عربات الأطفاء وصعدت الى السماء.
نواح الحقول
ماذنب العراق وهو يبكي كل يوم بنواح آلهة حقول الحنطة وأشجار الرمان وتمور بساتين بدرة . واخير ما ذنب بلاد لصوصها بأربطة عنق ويدعون محبة آل البيت ومتصوفة بغداد واولياء السيرة النبوية واساطيل التايهوات والدعايات الانتخابية .
احترقت دمعة الكوت ومعها احترقت الآمال البريئة التي لا ذنب لها سوى انها هربت من جحيم انقطاع الكهرباء في البيوت لتشم هواء النزهة في مول تجاري قالوا عنه انه من اجل الترويح والتسوق وجعل الكوت قريبة الشبه بدي ولاس فيغاس .
ولكنهم حولوه بأهمالهم الى مول للحزن وعصافير البراءة به تنقق..
أيتها البلاد المحترقة..
ليرحمك الله ..
وليرحم الكوت ..
مدينة الطبيين والثلة الرائعة من أصدقائي
معكم أذرف دمعوع أسى لهذا الغياب الجماعي ونحن معكم ندفن البكاء في مقبرة النار ولا نقبض شيئا من تلك الفاجعة سوى انهم سيصرحون أن التماس الكهربائي واهمال عمال المطعم احرق المكان وأن الحادث لن يتكرر..
ماذا ستقبض الكوت من اناقة المسؤول وربطة عنقه المشتراة بالدولار امام شاشات التلفاز ودمعته الجاهزة معه .
لاشيء سنقبض سوى نعوش ستذهب مع نحيب المدينة حيث ستأوي الى قبور صمت واسئلة وحوادث تسجل كعادتها ضد مجهول..
ومن يخسر
الخاسر هي الكوت والعراق وأجفاننا الدامعة..
وداعا أيتها الطيور والزهور والحقائب النسائية والمدرسية
كان اليوم حزينا على الكوت
فقد اكلته النيران واهمال المقاولين والبرابرة...