الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التعليم مشروع تنموي

بواسطة azzaman

التعليم مشروع تنموي

عبد المهدي الشيخ صالح

 

الوضع الحالي للجامعات والمدارس الاستثمارية في العراق يثير قلقًا واسعًا بسبب افتقارها إلى التنظيم والشفافية، ما يجعلها عرضةً لتحويل العملية التعليمية إلى سلعةٍ تجارية تُدار بهدف تحقيق الأرباح المادية على حساب جودة التعليم وقيمته الإنسانية. غياب الرقابة الحكومية الفعّالة والضوابط الصارمة يسمح لبعض هذه المؤسسات بالعمل بشكلٍ عشوائي، حيث تُهمَّش المعايير الأكاديمية والأخلاقية، وتتفشى ممارسات مثل ارتفاع الرسوم غير المبررة، وضعف الكوادر التدريسية، وتراجع البنى التحتية، مما ينعكس سلبًا على مستقبل الطلاب والمجتمع ككل.

هذا الواقع يُعمِّق الفجوات الاجتماعية، إذ يصبح التعليم الجيد حكرًا على القادرين ماديًا، بينما يُحرم آخرون من حقوقهم الأساسية في تنمية مهاراتهم. تتزايد التساؤلات حول دور الوزارات المعنية، مثل وزارة التعليم العالي والتربية، في تطبيق معايير الجودة ومراقبة الأداء، وفرض عقوبات على المخالفين، بل وحتى المطالبة بمراجعة سياسة الخصخصة في قطاع التعليم التي تُدار أحيانًا دون رؤية استراتيجية تُوازن بين الاستثمار والمصلحة العامة. المسؤولية الأخلاقية للحكومة تكمن في حماية التعليم من الاستغلال، وضمان أن تكون هذه المؤسسات شريكًا فعّالًا في بناء الإنسان، لا أداةً لاستنزاف موارده. وهذا يتطلب إصلاحات جذرية تشمل تشريع قوانين تحدّد شروط الترخيص وتلزم المؤسسات بالشفافية المالية والأكاديمية، وإنشاء هيئات رقابية مستقلة، وتعزيز التعليم الحكومي لتخفيف الضغط عن الأسر التي تلجأ إلى القطاع الخاص لضعف البدائل.

في الختام، التعليم حقٌّ وطني وأساس تقدم المجتمعات، ولا يمكن تركهُ رهينةً لأطماعٍ تجارية. على الدولة أن تعيد النظر في سياساتها، وتعيد للتعليم مكانته كمشروعٍ تنموي، لا كسوقٍ مفتوحةٍ للمساومة على مستقبل الأجيال.

 

 

 

 


مشاهدات 38
الكاتب عبد المهدي الشيخ صالح
أضيف 2025/04/29 - 2:35 PM
آخر تحديث 2025/04/30 - 5:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 342 الشهر 32424 الكلي 10913071
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير