الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث في‭ ‬مسقط؟

بواسطة azzaman

ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث في‭ ‬مسقط؟

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

 

‭ ‬هناك‭ ‬حقيقتان‭ ‬ماثلتان‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬توضيح‭ ‬كافٍ‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الأمريكي‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬يشهد‭ ‬المواجهة‭ ‬التاريخية‭ ‬حول‭ ‬الملفات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مسقط‭.‬

الحقيقة‭ ‬الأولى،‭ ‬هي‭ ‬انّ‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬لا‭ ‬يتوافر‭ ‬على‭ ‬مصطلح‭ ‬توصيفي‭ ‬دقيق،‭ ‬فمَن‭ ‬يقول‭ ‬انها‭ ‬“محادثات”‭ ‬فإنه‭ ‬يصف‭ ‬حالة‭ ‬عن‭ ‬عرض‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬مصيرية‭ ‬وحساسة،‭ ‬وانّ‭ ‬الترتيبات‭ ‬والاستعدادات‭ ‬وحتى‭ ‬‮«‬‭ ‬التهديدات‮»‬‭ ‬لا‭ ‬توحي‭ ‬بأنّ‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬هذه‭ ‬الغاية‭.‬

أمّا‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬انها‭ ‬“مفاوضات”،‭ ‬فإنّ‭ ‬المسألة‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬أفق‭ ‬زمني‭ ‬كبير‭ ‬جداً‭ ‬ليتناسب‭ ‬مع‭ ‬مجمل‭ ‬القضايا‭ ‬والمطالب‭ ‬الواسعة‭ ‬المعروضة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يقوم‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬جانبي‭ ‬المفاوضات‭ ‬وهو‭ ‬الأمريكي‭ ‬بوضع‭ ‬سقف‭ ‬زمني‭ ‬محدد‭ ‬بمهلة‭ ‬الشهرين‭ ‬فقط‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬اتفاق،‭ ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬اية‭ ‬مفاوضات‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬تفرعات‭ ‬عديدة‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬تقني‭ ‬ولجان‭ ‬تنفيذية‭ ‬واستشارية،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬اليوم،‭ ‬ولو‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬الايام‭ ‬اللاحقة‭ ‬فإنّه‭ ‬سيستغرق‭ ‬زمناً‭ ‬يتجاوز‭ ‬سقف‭ ‬الشهرين‭ ‬حتماً،‭ ‬وقد‭ ‬يمتد‭ ‬الزمن‭ ‬التفاوضي‭ ‬الى‭ ‬سنة‭ ‬او‭ ‬سنتين،‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬المفاوضات‭ ‬الدولية‭ ‬عادة‭ ‬قبل‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬اتفاقات،‭ ‬فكيف‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬استثنائي‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وايران،‭ ‬حيث‭ ‬تحف‭ ‬به‭ ‬الاساطيل‭ ‬والبوارج‭ ‬وقاذفات‭ ‬بي‭ ‬52‭.‬

أمّا‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأخرى،‭ ‬فهي‭ ‬انّ‭ ‬الطرف‭ ‬الامريكي‭ ‬يمثله‭ ‬ستيف‭ ‬ويتكوف‭ ‬المبعوث‭ ‬الخاص‭ ‬للرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬وأحد‭ ‬الأقطاب‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمال،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬ليس‭ ‬سياسياً‭ ‬حرفياً‭ ‬بقدر‭ ‬كونه‭ ‬مُنفذ‭ ‬سياسات‭ ‬ذات‭ ‬نقاط‭ ‬منتهية‭ ‬ومقطوعة‭ ‬وغير‭ ‬قابلة‭ ‬للتغيير‭ ‬الجوهري‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬نرى‭ ‬انّ‭ ‬الايراني‭ ‬عباس‭ ‬عراقجي‭ ‬الذي‭ ‬تمرس‭ ‬طويلا‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬طوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬يأتي‭ ‬حاملاً‭ ‬صلاحيات‭ ‬كاملة‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬تداوله،‭ ‬وهذا‭ ‬لو‭ ‬صحّ‭ ‬فيدل‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬مخوّل‭ ‬من‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني‭ ‬الأعلى‭ ‬بما‭ ‬سيعرضه‭ ‬او‭ ‬يجيب‭ ‬عنه،‭ ‬وهذا‭ ‬الامر‭ ‬يعني‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬انّ‭ ‬الطرف‭ ‬الإيراني‭ ‬قد‭ ‬حزم‭ ‬أمره‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬“ثوابت”‭ ‬في‭ ‬الجوهر‭ ‬ايضاً‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ظاهري‭ ‬متحرك‭.‬

ثمّة‭ ‬عدم‭ ‬تناسب‭ ‬بين‭ ‬المخوّلين‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ‬وحجم‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬الحرب‭ ‬الشاملة‭ ‬المدمرة‭ ‬او‭ ‬السلام‭ ‬النهائي،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬منطقة‭ ‬وسطى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمضي‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬اليها‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬الأمور‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭. ‬حقاً‭ ‬ليس‭ ‬لترامب‭ ‬وقت‭ ‬زائد،‭ ‬فهذا‭ ‬الرئيس‭ ‬فجّر‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يحسم‭ ‬أياً‭ ‬منها‭ ‬بعد،‭ ‬فقد‭ ‬بذل‭ ‬ما‭ ‬بوسعه‭ ‬من‭ ‬تعهدات‭ ‬لانهاء‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬فيما‭ ‬انها‭ ‬تشتد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬نهايتها‭. ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬تعهّد‭ ‬انهاء‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وجرى‭ ‬تجديدها‭ ‬بعنف‭ ‬ولم‭ ‬تطبق‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الهدنة‭. ‬كما‭ ‬انّه‭ ‬أعلن‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬التي‭ ‬قلبت‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬ثم‭ ‬نزل‭ ‬الى‭ ‬عتبة‭ ‬التفاوض‭ ‬الثنائي‭ ‬لكل‭ ‬حالة‭ ‬على‭ ‬انفراد‭ ‬باستثناء‭ ‬واحد‭ ‬مع‭ ‬الصين‭.‬

‭ ‬وهنا‭ ‬في‭ ‬مسقط‭ ‬ألزم‭ ‬نفسه‭ ‬بمهلة‭ ‬الشهرين‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬اتفاق‭ ‬مع‭ ‬ايران،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬البدائل‭ ‬لو‭ ‬تمدد‭ ‬الزمن؟‭ ‬وهل‭ ‬تتوافق‭ ‬اسرائيل‭ ‬مع‭ ‬ذلك؟‭ ‬وكيف‭ ‬سيبدو‭ ‬شكله‭ ‬اذا‭ ‬جرى‭ ‬ضرب‭ ‬المهلة‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬شيء؟

 

fatihabdulsalam@hotmail.com

 


مشاهدات 31
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام
أضيف 2025/04/12 - 12:00 PM
آخر تحديث 2025/04/13 - 2:57 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 699 الشهر 12269 الكلي 10592916
الوقت الآن
الأحد 2025/4/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير